في أحلام اليقظة تزورني رائحة من الذكرى..
شايا معطرا بالأعشاب.. مدفونة في كتف سيدة.. لا أستطيع اكتشاف ملامحها.. تضمني للحظات ثم تختفي. وعندما تفعل أقع وأجرح نفسي وأبدأ بالبكاء كي تعود وتضمني وتضمد جرحي وتغسل لي يدي ووجهي.. وتصطحبني في نزهة حول المنزل. ...
أكتب حلمي فوق ورقة صغيرة.. أطويها وأدفنها في تراب الحديقة الخلفية.. وأزرع فوقها نبتة شرقية لعلها تنمو في حديقة التهمتها الثلوج..
قالت لي طفلة من أبناء جيراني مرة.. أن النبتة الشرقية تحتاج إلى شمس لا تشبه شمس الغرب ولا شمس الشمال.. بل تشبه شمس الشرق التي تجعل البحيرات عصية على التجمد.. وتجعل الجبال دائمة الخضرة.. وقالت لي أيضا أننا لو زرعنا نبتتنا في تربة مليئة بأسرار الشرق فستنمو.. وستجد شمسا مخلصة تحتضنها.. ستظهر من التراب لا من السماء..
هل جربتَ يوما أن تزرع شمسا شرقية في التراب؟
هي تؤكد لي بأن هذا سيجدي نفعا.. وستنبت النبتة الشرقية.. لن تصبح شجرة.. لكنها ستزهر على قدر استطاعتها زهورا لا تتحول إلى ثمار..
مازلت أبحث عن الشمس الشرقية كل يوم.. فلعلي أنبتُ أنا نفسي.. ولعلي أخيرا أُزهِر.
.................
رواية أبي وأبي (حكاية النبتة الشرقية) هي الاغتراب.. بأقصى أشكاله تطاولا وشراسة.. هي ذلك الصقيع الأزرق.. المختبئ تحت دثار ملون من التحضر البلاستيكي لمدن "الإنسان الجديد".. وهي السعي الإنساني الصادق لإعادة اكتشاف الذات وسط طبقات التورية والطمس الممنهج التي تعانيها مفردات الانتماء الإنساني الطبيعي.
محمد تيسير الحموي's books on Goodreads