مشيت اليوم فوق أرض لا تمطر فيها السماء _ كما أُخبرتُ_ سوى مرتين
لكن الغيم قد تجمع فوق رأسي .. وأمطرت السماء فوقي ثلاث قطرات
كل قطرة أبرد من سابقتها
الأولى تمسح عني عناء السفر
والثانية .. تخبرني سرا يذيب حزني ويبدله يقينا
والثالثة .. تحمل وعدا بالفرح
ثمّ اختفت الغيوم فجأة … بعد القطرات .. وظهر القمر
..
عندما اكتمل القمر في هذا الشهر .. نقصت أنا
لم أفهم سرّ المعادلة الصعبة .. لكن اكتماله كان يعني بالضرورة نقصاني
حتى رأيت نفسي في اليوم الرابع عشر .. وكأني اختفيتُ
وكان الشعور جميلا .. فوددت لو أن القمر يبقى طول الشهر بدرا..
وأختفي أنا إلى الأبد
..
سمعت صوتا في منتصف الليل يناديني من الخلف
التفتت فوجدت الزمن يكمن ورائي .. ويحرك الأشياء من حولي
ورأيت الفراغ .. في الوجوه و الأسماء
ولمحت السواد يعم الأماكن
و وجدت اسمي يصبح هو الآخر رمادا وينتشر مع تقدم دورة الضوء
ثم رأيت الشمس تبزغ بعد ذلك .. وتعود إلى الوراء ..
فتذكرت القيامة
وأن الحياة لا تنتهي إلا بانعكاس الزمن
..
عندما زُرعت في الأرض الجديدة .. اصبحت جديدا
لكن الجديد الذي أصبحته لا يختلف عن قديمي إلا في مقدار الحزن وكمية الدموع
فجديدي حزنه أكبر .. ودموعه أقل
..
في يوم كنت فيه محاصرا بالعرق .. اكتشفت أني أكره الصيف بنفس القدر الذي أكره فيه الشتاء
وبعد أن محصت في فتافيت نفسي .. فهمت أني أبغض التطرف في كل شيء .. حتى في الطقس
وأني أحب الاعتدال في كل شيء حتى في ممارسة الفن
وأن شيطاني يفاوضني كل يوم مئة مرة كيما أطلق جنوني وتطرفي .. فأعتلي سلم اللون وأقوض الفكرة
..
في طريقي نحو بيتي صادفت كمية من الأكياس المرمية أرضا
ووجدت خمسة كلاب .. وأربع قطط .. وجرذين .. ووقفت أنا بينهم
كانوا يعيشون بسلام .. فلا الكلب يأكل القطة
ولا القطة تأكل الجرذ
ولا الجرذ يأبه لوجودي
لكني وساعة وقفت في تلك البقعة .. أغرتني السياسة ..
فرميت عظمة بين الكلب والقطة ..
ووضعت سمكة ميتة بين القطة والجرذ ..
فتباغض الجميع .. حتى صاروا أعداء .. وبدؤوا الحرب التي لا تنتهي
فوضعت كرسيا وسط المزبلة ..
ونصبت نفسي ملكا
…
ذات صباح .. أخبرت نفسي أني في هذا اليوم … سأكتب فوق القمر
وسأكتشف سرّ الغيوم
وسأصلي مئة ركعة
وسأحرر الأسرى وأفرغ السجون
وسأصبح ماردا يدمر الشرّ ويطلق الخير ويحمي كل الطيبين
وإذ دارت الشمس وفعلت عقارب الحياة فعلها ..
عرفت أن المساء قد لا يأتي إلا بالتشابه المهين .. وقد لا يحمل إلا خيبات الأمل
فطرقت باب النوم الكاذب وقد أيقنت .. أن النوم الحقيقي
لا يكون إلا بعكس عقارب الساعة
…