Mohamed Hamwiهل تفرح؟ - Mohamed Hamwi

هل تفرح؟


_ أنت لا تفرح!

= بل أفرح.. لكني لا أفرح مثلكم.

_ وما الذي يفرحك!؟

= يفرحني صوت شجرة..
ورائحة قهوة..
وصوت سنونو..
ونسمة جبل..
وشرفة صغيرة بلا ضوضاء..
وغصنا أخضر يغطي عراء الأسمنت..
وورقة بيضاء بلا سطور ولا هوامش..
وخطوات تحت مطر مدينة صامتة..
وأوراق خريف تلون الوقت وتدفئ رماد الأرصفة..
وسماء تتلون كلما نظرت إليها..
وقمر يسألني عن حالي كلما رآني أسير مطرقا..
وعيناً بلا مقاصد..
وهدية بلا هدف..
وهدفا بلا تهافت..
وحوارا بلا مشاحنة..
ورحمة مستورة يراها الله ولا تراها عيون المدينة.

_ فقط؟

= أيضا يفرحني الغياب..
أن أجد السعة والمتسع.. في الحضور وفي الانسحاب..
وأن أتحدث مع نفسي بصوت مرتفع.. فلا يقاطعنا أنا ونفسي أحد..
وأن أكونني كما هي حقيقتي.. سخرية وحزن وطفولة.. وحب وزهد واختصار.

_ ألا يفرحك الانتصار؟

= بل يفرحني الاختصار..
أن أختصر الكلام..
وأختصر الخصام..
وأختصر الأدوات والأشياء والغرف والمقتنيات..
وأختصر القضايا والهدايا والأناشيد والشعارات..
وأختصر الهواتف.. والرسائل.. والأسماء.. والإشعارات.. والإعلانات المخفية والمحادثات العرضية.. وصور الورود الحمراء والحروف الذهبية..
وأن أختصر شرحي لنفسي.. وتفسيري لما يفرحني.

_ يفرحك الاختصار لهذا الحد؟!

= يفرحني الاختصار بكل أمر.. إلا أمرا واحدا فقط.. يفرحني لو أفرد له الدنيا بطولها وعرضها..

_ ما هو؟

= يفرحني ألا أخبرك.. وأن أترك لك فرحة البحث والتوقع والاكتشاف.